جبل نمرود في جنوب تركيا
جبل نمرود في جنوب تركيا
ويتكون البناء الضخم في جبل نمرود، من مجموعة من الألواح الصخرية، تكون ما يشبه الهرم، والجزآن الشرقي والغربي منه عبارة عن مدرجات توصل إلى معبد مفتوح، وعلى هذه المدرجات توجد تماثيل هائلة لأسود وصقور، و5 تماثيل ضخمة للآلهة التي كانوا يعبدونها، منهم 4 رجال وامرأة، وهي أكثر الأشياء الجذابة المحفوظة في هذا المكان.
المعبد الملكي، الذي أُسّس على الجبل من قبل الملك أنطيوخوس الأول، يجسد بوضوح ثقافة التوفيق بين الأديان التي كانت شائعة في تلك الفترة في الممالك الهلنستية، عبر دمج تماثيل الآلهة الإغريقية والفارسية بلباس موحد، وهو إشارة إلى المساواة بين العقائد، لدمج الشعبين الفارسي والإغريقي، إلّا أنّ الجبل غامض من جهة معانيه الدينية، وأسباب تأسيسه، والديانة التي كانت متبعة في المملكة.
يرى باحثون أنّ النصب أُسّس في الأصل بمساحتين كبيرتين، الأولى في الجهة الشرقية، واستخدمت من أجل الاحتفال بعيد ميلاد الملك أنطيوخوس الأول، والأخرى في الجهة الغربية، استخدمت للاحتفال بذكرى التأسيس، في عام 62 قبل الميلاد، وهو اليوم الذي يعتقد أنّ الملك أنطيوخوس، أصبح عضوا في الجماعة الدينية السرية، لمملكة كوماجين.
تعني مملكة كوماجين «مجتمع الأحياء»، ووُجدت كمملكة مستقلة عن ميثيريدس كالنكوس الأول، في بداية القرن الأول قبل الميلاد. ظهرت أهمية المملكة أثناء حكم انطيوخوس إبيفانيس، ابن ميثيريدس كالنكوس (62 - 32 قبل الميلاد). في عام 62 قبل الميلاد، بُني المعبد على قمة الجبل، وكان يحرسه تمثالان كبيران لأسدين، وتمثالان لصقرين، والكثير من «الآلهة» اليونانية والأرمينية والفارسية. وكان كل إله مكتوبا عليه اسمه، وعندما اكتشف المعبد، كانت رؤوس التماثيل منفصلة عن التماثيل، وملقاة على الأرض، ويشير ذلك إلى أنّها تضررت بشكل متعمد.
كما وجد في الموقع تماثيل أخرى، يصل طول كل منها إلى 49 مترا، وقطرها 152 مترا، منحوتة بالنظام اليوناني، لكن الملابس كانت تبدو فارسية.
في الشرفة الغربية هناك تمثال كبير لأسد يظهر بالقرب منه، عرض لترتيب النجوم والكواكب (عطارد والمريخ والمشتري)، ويعتقد المؤرخون أنّه ربما اكتشف هؤلاء القوم هذه الكواكب، عندما بدأوا العيش على قمة الجبل.
كان الجزء الشرقي محفوظاً بشكل جيد، فقد كان يتألف من طبقات من الصخور، وممر جدرانه من الصخور، يربط بين الجزأين الشرقي والغربي، ويمر بقاعدة الجبل، ويُعتقد أنّ هذا الموقع كان يُستخدم لعمل الطقوس الدينية، خلال الظواهر الفلكية.
وحسب بعض الروايات التي استندت إلى المعطيات الأثرية لمعبد جبل النمرود، ربما يكون الملك أنطيوخوس الأول واحدا من كهنة المجوس الذين لديهم معرفة فلكية خارج حدود الأرض ومن الممكن أن يكون موقع المعبد مكان اتصال بين المؤمنين المجوس، والمشتغلين بعلم التنجيم والفلك والفضاء الخارجي، وعندما ضمت المملكة من قبل الرومان في القرن الأول الميلادي، تفرقت الحاشية الدينية لمعبد جبل النمرود في المنطقة، بعد هدمه من قبل الرومان، في ذلك الزمان، واختفت هذه الحاشية بما تحمله من أسرار دينية تخص المملكة، وبقيت الأسرار الغامضة التي تحيط بالجماعة الدينية السرية، وبمملكة كوماجين، والديانة المتبعة فيها لغزا.
ويؤكد أغلب الباحثين على أنّ الغموض والمعلومات القليلة التي جُمعت من الموقع، تدل وبكل تأكيد على معرفة قوية واستثنائية بعلم الفلك والتنجيم، وعلى أفكار دينية عالمية متقدمة في ثقافتها الجامعة.
https://aawsat.com
|